نحيي في الثلاثين من آذار هذا العام الذكرى 31 ليوم الأرض الخالد في الثلاثين من آذار عام 1976. هذا اليوم الذي هب فيه شعبٌ بأكمله في إضراب عام، ونضال شعبي مشروع دفاعًا عن ما تبقى له من أرض، في وجه الهجمات المتجددة، وتحديدًا مخطط تهويد الجليل بمصادرة مساحات واسعة من أراضي العرب، بـهدف إسكان اليهود وتغيير الطبيعة الديمغرافية للجليل، المسكون بأصحابه الأصليين من أبناء الشعب العربي الفلسطيني، بكثافة تزيد عن عدد المستوطنين اليهود.
لقد كان التحرك الشعبي العربي، تحركًا سلميًا، هدف إلى إسماع صرخة احتجاج على هذه المؤامرة الجديدة، وفي نفس الوقت التعبير عن تمسّك الانسان العربي بحقه في الحياة والتطوّر على أرض آبائه وأجداده وفي وطنه الذي لا وطن له سواه. إلاّ أن السلطة الفاشية، ومع سبق الإصرار والترصّد، قررت تحويل هذا اليوم إلى يوم دامٍ آملة من ذلك تلقين المحتجين درسًا وإرهابهم، حتى تواصل مخططها. فسقط في الثلاثين من آذار ستة شهداء في الجليل والمثلث . . وعرف هذا اليوم بيوم الأرض، والذي تحوّل إلى يوم كفاحي يحيي ذكراه شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده ومع كافة الشعوب العربية والعديد من شعوب العالم وقواه الخيّرة.
لقد كان يوم الأرض بأحداثه وبالتطورات اللاحقة له، محطة هامة على طريق نضال جماهير شعبنا الفلسطيني الباقية في وطنها. وثبت في يوم الأرض أن هذا الشعب الذي أرادوا إرهابه، قد كبر سنوات وسنوات وهو قادر على توحيد صفوفه، والوقوف بكل بسالة في وجه أعدائه والطامعين في مقدراته، وهذا الشعب مصرٌّ على نيل حقوقه، مرفوع الرأس موفور الكرامة. وانقلب السحر على الساحر، حيث بدأت السلطة في التفكير بطرق جديدة للتعامل مع هذا الشعب، بعد أن تأكدت أن الإرهاب والقمع لا يزيد هذا الشعب إلاّ قوة وصمودًا.
بالشعب الأصيل الذي صنع يوم الأرض، وتدرك الأهمية الكبرى لإبقاء هذا اليوم بأحداثه، بدروسه وعبره، زادًا وزوادًا لشعبنا على طريق نضاله العادل والشاق، وصولاً إلى تحقيق أهدافه .
الأرض .. هي البقاء والعيش بكرامة على تراب الوطن
الأرض هي الوطن والكيان والوجود، فلا وجود لأي شعب كان، بدون أرض يعيش عليها. كان هذا دائماً مفهوم الأرض بالنسبة للشعب الفلسطيني. ولذا دافع عنها وناضل من أجل المحافظة عليها من بداية القرن، وما زال حتى يومنا هذا.
مع فرض الانتداب البريطاني على فلسطيني، استفلحت هجمة الاستيطان الصهيوني للاستيلاء على الأرض في فلسطين، معتمدة على مساعدة الانتداب البريطاني، وقوانين الأرض العثماني التي بقيت سارية المفعول، والتي اعتبرت مالك الأرض، ليس من يفلحها أباً عن جد ويعيش عليها، بل من سجلت على اسمه في سجلات الطابو.
تمكنت المؤسسات الصهيونية من شراء مساحات واسعة من الأراضي الزراعية من كبار الملاكين، الذين كانوا يعيشون على الغالب خارج فلسطين، من لبنان وسوريا. ففي صيف 1920 باعت عائلة سرسق 80 ألف دونم في مرج ابن عامر، وفي أوائل آب 1924 باعت هذه العائلة خمس قرى عربية هي العفولة وخنيفس وجباتا وشطة وسولم، وتبلغ مساحة أراضيها الزراعية 230 ألف دونم.
وعلى سبيل المثال أيضاً بيع للمؤسسات الصهيونية أراضي وادي الحوارث (ارض) عام 1932 ومساحتها 30826 دونماً وعدد سكانها 1077 نسمة، وكذلك وادي الحوارث (سهل).
وكانت المؤسسات الصهيونية تطرد، بمساعدة قوات بريطانية، الفلاحين الذين كانوا يفلحون هذه الاراضي ويعيشون عليها، كانت تطردهم من أراضيهم. وكان يؤدي ذلك الى اصطدامات دموية بين الفلاحين الذين دافعوا عن أراضيهم ومساكنهم، وبين قوات الشرطة البريطانية والى سقوط قتلى وجرحى.
وجاء في الموسوعة الفلسطينية، القسم الثاني صفحة 1025 حول وادي الحوارث:
"ولما قاوم الحارثيون هاجمهم البريطانيون بالرصاص فاستشهد منهم كثيرون" - وعلى أنقاض القرية قامت كفار فتكين التي تأسست عام 1933 (على الشارع الرئيسي بعد الخضيرة في اتجاه تل أبيب).
وفي مرج ابن عامر، تم اجلاء السكان عن 22 قرية عربية، ثم محيت هذه القرى من الوجود. ومأساة أخرى هي اجلاء عرب الزبيدات عن أراضيهم وقتل الشاب سعيد محمد علي أحمد وهو يدافع عن أرضه. أضف الى ذلك اجلاء أهالي قرية العفولة والقرى الخمس المجاورة لها. وكذلك أهل قرية طبعون وتسليم أراضيهم لليهود (عيسى السفري ـ فلسطين العربية بين الانتداب والصهيونية ص 220). وجرت حوادث مشابهة في مختلف أرجاء فلسطين.
من هنا نرى أن هدم القرى العربية وتشريد سكانها، انتشر مع بداية الانتداب البريطاني على الرغم من أن وعد بلفور وعد بأنه "لن يعمل شيئاً من شأنه أن يلحق الضرر بالحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية في فلسطين". وأظهرت الأحداث والتطورات على مدى عشرات السنين بُعْد هذا الكلام عن الواقع والحقيقة.
ويجب التأكيد أن الفلاحين العرب تمسكوا بأراضيهم ورفضوا بيعها لمؤسسات الصهيونية، الا فيما ندر، بل دافعوا عنها وعن حقوقهم في الاستمرار في فلاحتها والعيش عليها.
وعلى الرغم من جهود المؤسسات الصهيونية والأموال الطائلة التي صرفتها، فان ما استولت عليه حتى بداية سنوات الثلاثين لم يتجاوز ال 90 ألف دونم. ومع ذلك فان استيلاء المؤسسات الصهيونية على هذه المساحة من الأراضي، قد زاد عدد الفلاحين الفقراء الذين لا أرض لهم وقلص في المعدل مساحة الأراضي الزراعية التي تحت تصرف كل عائلة فلاحية عربية.
الحرب الفلسطينية عام 1948 وقيام دولة اسرائيل
بلغت مساحة الأراضي التي كانت تمتلكها المؤسسات الصهيونية واليهود الأفراد عام 1945 ـ 1,585,365 دونماً من مجموع أراضي فلسطين، مقابل 650 ألف دونماً، عام 1919.
ولذا وضعت المؤسسات الصهيونية كهدف مركزي لها الاستيلاء على أوسع ما أمكن من الأراضي مع أقل ما أمكن من العرب الفلسطينيين الذين يعيشون عليها، تمهيداً لضمها الى دولة اسرائيل.
وقامت قوات الهاجاناه والبالماخ والاتسل والليحي وغيرها بطرد العرب الفلسطينيين من مدنهم وقراهم، ونفذت في قرى عديدة مذابح لارهاب السكان "لاقناعهم" بالهرب كما جرى على سبيل المثال وليس الحصر في الصفصاف وعيلبون والطنطورة وعين ماهل وغيرها، ويقدر عدد القرى العربية التي فرغت من سكانها على أيدي السلطات الاسرائيلية بِ 350 قرية.
واستمرت أعمال الترحيل بعد توقف القتال. وهكذا تم ترحيل أهالي اقرث في 48/11/5 وأهالي كفربرعم في 48/11/15 بعد أن ادعت قوات الجيش الاسرائيلي أن ابعاد السكان العرب عن القريتين هو للمحافظة على أرواحهم وأنهم سيعودون الى قريتيهما بعد أسبوعين - وفي 49/6/5 طرد سكان قرى منطقة الحوله: الخصاص وقطين والجاعونة. وفي 50/1/26 طرد أهل الغابسية (الجليل الغربي) وفي 50/7/17 طرد عرب مجدل عسقلان. وهدمت جميع هذه القرى بعد ترحيل سكانها. وتم هدم قرية كفربرعم في 53/10/15 وأم الفرج في 53/10/16 وفي 49/2/4 طرد سكان قرية كفرعنان من بيوتهم.
وقامت الكيبوتسات والمستوطنات اليهودية بتشجيع من الحكومة بالاستيلاء على أراضي هذه القرى وفلاحتها، وفي الوقت الذي منع فيه حوالي 40 ألف عربي فلسطيني من مواطني اسرائيل من العودة الى قراهم، مثل لاجئي صفورية والمجيدل ومعلول والدامون والبروة وعمقه والكويكات وميعار وفرادية وكمانا وغيره.
وفرض الحكم العسكري على الجماهير العربية واستخدم أداة لنهب أراضي الفلاحين العرب وطردهم من بيوتهم وقراهم وحرمانهم من موارد رزقهم.
قوانين عنصرية للاستيلاء على الاراضي العربية
ما أن قامت دولة اسرائيل حتى أخذت الحكومة الاسرائيلية في تنفيذ مخطط عنصري واسع لمصادرة أراضي العرب الفلسطينيين في اسرائيل.
فاعتماداً على المادة 125 من أنظمة الطوارئ الانتدابية البريطانية، أعلنت الحكومة "مناطق الأمن" لعام 1949. وبموجب ذلك أعلنت مناطق واسعة مناطق مغلقة لا يحق للعرب التواجد فيها. وشمل ذلك قرى أجلي عنها أهلها مثل الغابسية والمجيدل ومعلول وصفورية والدامون وميعار وكفربرعم واقرث وغيرها. والهدف من هذا الأمر منع سكان هذه القرى من العودة اليها.
واستخدمت أنظمة الطوارئ لمصادرة "الأراضي البور". وكيف كانت تتم العملية؟ يعلن وزير الدفاع عن أراضي قرى معينة (عدا التي أجلي عنها أهلها) مناطق مغلقة يمنع الدخول اليها الا بتصريح. وهكذا يمنع صاحب الأرض من الوصول اليها وفلاحتها. وعندما كان يتوجه للحاكم العسكري طالباً تصريحاً للوصول الى أرضه يرفض الحاكم العسكري اعطاءه التصريح الذي يمكنه من الوصول الى أرضه وفلاحتها. وهكذا تتحول الى أرض بور. وعندها يأتي وزير الزراعة ويضع يده عليها بحجة أنها أرض بور غير مفلوحة ويعطيها للكيبوتسات والمستوطنات لفلاحتها.
واتبعت الحكومة ذلك بقانون الغائبين لعام 1950. وبموجب هذا القانون استولت ادارة القيم على أملاك الغائبين الملحقة بوزارة المالية والتي أقيمت لهذا الغرض، استولت على أملاك ريفية في 350 قرية عربية متروكة أو نصف متروكة، وتبلغ مساحة أراضيها 3,5 مليون دونم (بما فيها 80 ألف دونم بيارات برتقال و 300 ألف دونم بساتين وفواكه).
واعتبر هذا القانون عدداً كبيراً من المواطنين العرب في اسرائيل غائبين. والغائب حسب مفهوم هذا القانون العنصري هو كل شخص كان مواطناً فلسطينياً، ترك في أي وقت بعد 47/11/29 (يوم صدور قرار التقسيم في هيئة الأمم المتحدة) وحتى 48/9/1، مكان اقامته الاعتيادي في فلسطين، الى مكان خارج فلسطين أو الى أي مكان كان تحت سيطرة قوات أرادت منع قيام دولة اسرائيل.
ويشمل هذا النص الألوف من الناس الذين كانوا يعيشون ويشتغلون في المدن، وعادوا الى قراهم بعد أن توقفت الأعمال.
ومنح القانون القيم على أملاك الغائبين الحق بالاعلان عن أي شخص "غائباً"، وعلى هذا الشخص أن يثبت العكس. واعتبرت الأوقاف الاسلامية، وتشمل عشرات آلاف الدونمات وآلاف الممتلكات في المدن الكبيرة والصغيرة، اعتبرت أموالاً متروكة على الرغم من وجود المسلمين واحتياجاتهم الدينية والاجتماعية لهذه الممتلكات ولريعها.
وعلى هذه الاراضي التي صودرت أقيم بين 1953-1947، 350 مستوطنة من مجموعة 370 مستوطنة أقيمت في هذه الفترة.
وصدر في العام 1953 قانون استملاك الاراضي (الموافقة على الأعمال والتعويضات). وجاء هذا القانون ليمنح الحكومات الاسرائيلية صلاحيات واسعة للاستيلاء على أكبر مساحة من الأراضي العربية، وليثبت مصادرة الأراضي التي تمت مصادرتها وينص على تعويض أصحابها بمبالغ ضئيلة هي أقرب الى السرقة الشرعية. وقد رفض، على العموم، أصحاب الأراضي الحصول على هذه التعويضات الهزيلة.
وخولت المادة الثانية من هذا القانون وزير المالية صلاحية اصدار شهادات تنشر في الجريدة الرسمية تشهد أن أرضاً لم تكن بتصرف مالكها في 52/4/1 أو كانت مستخدمة أو مخصصة بين 48/5/14 (تاريخ اعلان قيام الدولة) و 52/4/1 لمقتضيات التعمير والإنشاء الحيوية أو الاستيطان والأمن، وانها لا تزال لازمة لإحدى هذه الغايات.
وبمجرد صدور هذه الشهادات تصبح الأراضي المعنية ملكاً لسلطة الانشاء والتعمير الحكومية. أي أن هذا القانون جاء ليمنح الحكومة ملكية الأراضي التي تم وضع اليد عليها واستعمالها بموجب القوانين السابقة - وقد صدرت شهادات عديدة من قبل وزير المالية بالنسبة لمساحات واسعة من الأراضي تشهد بأنها متروكة، على الرغم من أن أصحابها بقوا يعملون عليها بكامل الحرية (مثال على ذلك في مجد الكروم وقلنسوه)، وقررت محكمة العدل العليا أن لا صلاحية لها في النظر في شكاوي هؤلاء المتضررين من العرب الفلسطينيين الذين صودرت أراضيهم مورد رزقهم، حتى وإن كانت شهادات وزير المالية غير صحيحة ومخالفة للواقع.
وأمثلة على المصادرة التي تمت بموجب هذا القانون:
البروة منطقة عكا كل أراضيها 13542 دونماً
الطيبة منطقة المثلث جزئياً 23000 دونماً
عمقه منطقة عكا كل أراضيها 6068 دونماً
جلجولية منطقة المثلث جزئياً 10468 دونماً
كويكات منطقة عكا كل أراضيها 4733 دونماً
كفربرعم منطقة صفد كلياً 11700 دونماً
حرفيش منطقة صفد جزئياً 2950 دونماً
كفرفاره منطقة صفد كلياً 7229 دونماً
كابول منطقة عكا جزئياً 2260 دونماً
معليا منطقة عكا جزئياً 12800 دونماً
صفوريه منطقة الناصره كلياً 47000 دونماً
باقة الغربية منطقة الخضيرة جزئياً 10995 دونماً
الدامون منطقة عكا كلياً 10450 دونماً
جت منطقة الخضيرة جزئياً 4320 دونماً
الطيرة منطقة المثلث جزئياً 23000 دونماً
أم الفحم منطقة الخضيرة جزئياً 34600 دونماً
وصدرت هذه الشهادات في الجريدة الرسمية بين 53/6/25 و 54/2/2. وما أن انتهى العام 1954 حتى وصلت مساحة الأراضي العربية المصادرة حوالي 300 ألف دونم، أو نصف ما يملكه العرب مواطنو دولة اسرائيل (الاتحاد 54/12/18).
ثم جاء قانون مرور الزمن لعام 1958. كان للفلاح الحق في ملكية الأرض اذا أثبت تصرفه بأرض أميرية أو أرض موات لمدة عشر سنوات. فجاء القانون الجديد ليزيد مدة مرور الزمن الى 15 أو 20 سنة. ومكن هذا القانون السلطات من مصادرة آلاف الدونمات وخاصة في الجليل.
في العام 1960 تم تعديل قانون الأراضي. كان قد سجل زمن الانتداب أراضي كانت تستخدم لحاجات القرى كالبيادر أو التحطيب والري، على اسم المندوب السامي قيّماً عليها لمصلحة احتياطات القرية لعدم وجود سلطات محلية في القرى العربية. فجاء القانون يمنح الحكومة صلاحية تغيير نوعية هذه الأراضي وتحويلها الى أراضي لا تتصرف بها القرية بل الحكومة لأغراض أخرى استيطانية مثلاً. وهكذا استولت السلطات على أراضي عرب الخوالد وطبعون والعميرات والعمرية (قرب شفاعمرو) ومنحت هذه الأراضي لمستوطنة رمات يوحنان (الاتحاد 1960/8/13) وحدث هذا في قرى عديدة.
واستخدمت الحكومة قانون المنافع العامة، وهو قانون انتدابي قديم لمصادرة أراضٍ عربية. فصادرت عام 1956 ما مساحته 1200 دونماً من أراضي الناصرة لاقامة الناصرة العليا. وفي العام ذاته صادرت 20 ألف دونماً من أراضي قرى الشاغور، البعنة، دير الأسد، مجد الكروم، نحف وعرب السواعد وتشمل هذه الأراضي حقول زيتون ومحاجر رخام عربية، صادرتها لبناء كرميئيل. وهنا برز عارياً المخطط العنصري في تهويد الجليل.
وكان الحاكم العسكري قد أبلغ في كانون أول 1955، جميع مخاتير سخنين وعرابه وديرحنا وعرب السواعد وقرى الشاغور - مجد الكروم ودير الأسد والبعنه ونحف والرامة وكذلك مخاتير قرى منطقة شفاعمرو، بحضور مدير بوليس عكا، انه يعلن جميع الأراضي الواقعة على بعد كيلومتر شمال الطريق العام الممتد من ميعار الى سخنين وعرابه وديرحنا وجنوب الطريق العام الممتد من مجد الكروم الى الرامه منطقة مغلقة يمنع الدخول اليها. وكل من يخالف هذا الأمر يعرض نفسه للسجن 5 سنوات، أو غرامة قدرها 5 آلاف ليره أو كلتا العقوبتين معاً. وعلم أن عدداً من المخاتير رفض التوقيع على التبليغ المذكور وهذه هي المنطقة رقم 9.
واستمرت مصادرة الأراضي العربية بحجج مختلفة. واستغلت ادارة أراضي اسرائيل الضائقة السكنية في القرى العربية والنقص في أراضي البناء. فكانت تعرض على المواطنين اعطاءهم أرضاً للبناء، دونماً أو أقل، مقابل التنازل عن أراضيهم المصادرة التي قد تصل عشرات الدونمات.
وجاءت هجمة جديدة من قبل السلطات لمصادرة مساحات واسعة من أراضي الجليل، لتنفيذ مشروع تهويد الجليل، ولاحقاً في النقب في مطلع 1975. وأثارت هذه المصادرات نقمة واسعة بين الجماهير العربية. وكانت هذه المصادرات الدافع المباشر الى اقامة لجنة الدفاع عن الأراضي العربية في آب 1975.
وفي العام 1979 صدر قانون استملاك الأراضي في النقب لمصادرة مساحات واسعة من أراضي عرب النقب بذريعة تنفيذ اتفاق كامب ديفيد لبناء قواعد عسكرية ومطارات جديدة في النقب بدلاً من تلك التي كانت في سيناء وشملت المصادرة 150 ألف دونم توجب اخلاءها خلال 3 أشهر.
وقصة العرب البدو في النقب، هي مأساة متواصلة، بدأت بقيام الدولة وما زالت مستمرة حتى اليوم. وهدف السلطة اقتلاع العرب البدو من مضاربهم وأراضيهم، وحشرهم فيما يسمى بالبلدات (التي هي أشبه بالجيتوات)، ليكونوا قوة عمل رخيصة تخدم الصناعة والزراعة اليهودية في المنطقة. وأقيمت الدوريات الخضراء السيئة الصيت للمساعدة على تنفيذ هذا المخطط.
بعد كل هذه المصادرات لم يبق في يد القرى العربية سوى مساحات صغيرة من الأراضي. وفيما يلي أمثلة على ما كانت تمتلكه القرى العربية وما بقي بعد المصادرات:
كفر قاسم كانت تمتلك عام 1949 27 ألف دونم وكان عدد سكانها 1700 نسم، في العام 1979 أصبح عدد سكانها 6250 نسمة وبقي من أراضيها بعد سلسلة المصادرات 1200 دونم.
الطيبة كانت تمتلك في العام 1949 32 ألف دونم وكان عدد سكانها 4900 نسمة، وفي العام 1976 كان عدد سكانها 15 ألف نسمة يمتلكون 19 ألف دونم.
أم الفحم كان تمتلك 120 ألف دونم ولم يبق في حوزتها سوى 7 آلاف دونماً.
سخنين كانت تمتلك 95 ألف دونم وكان عدد سكانها 6 آلاف نسمة، بقي 17,500 دونم.
عرابة كانت تمتلك 19 ألف دونم وكان عدد سكانها 1880 نسمة، بقي 10 آلاف دونم.
ديرحنا فقدت 7 آلاف دونم من أصل 16 ألف كانت تمتلكها في العام 47 وقفز عدد سكانها من 900 الى 4000 نسمة عام 76.