الموقع الجغرافي
--------------------------------------------------------------------------------
تقع على بعد حوالي كيلو متر ونصف جنوبي مدينة بيت لحم وكلمة ارطاس كلمة من أصل لاتيني " Hortus " وتعني البستان أو الجنة، وعرفت زمن الصليبيين باسم " Hortus Conclusus " أي الجنة المقفلة ومازالت تحتفظ منذ ذلك الحين بهذا الاسم وهي قرية كنعانية قديمة، يعرف عنها وفرة مصادر المياه وتعد من أكبر الأنظمة القديمة في فلسطين و التي كانت تزود مدينة القدس بالمياه من الفترة الرومانية حيث تم إنشاء نظام مائي بالفترة الرومانية المبكرة في وادي أرطاس وتحديدا في الجزء العلوي منه ، حيث عمل على تزويد مدينة القدس بالمياه بدلا عن النظام المائي القديم ، حيث تذكر المصادر التاريخية أن البركتين الأولى والثانية تم تشييدهما في تلك الفترة بهدف تجميع المياه من الينابيع المجاورة ومياه الشتاء المنحدرة من السفوح المحيطة ، ونقلها إلى مدينة القدس ولتنفيذ ذلك تم إنشاء مالا يقل عن ست قنوات ناقلة للمياه كان من أشهرها قناة السبل " الدنيا " التي شيدها الحاكم الروماني بيلاطس عام 35 م والقناة العليا التي شيدها الإمبراطور البيزنطي سفيريوس عام 211 م وحظيت هذه البرك بالتعمير والترميم المستمر في الفترات اللاحقة وشرعت القوانين الكفيلة بحمايتها وتنظيمها.
وفي الفترات الإسلامية المتعاقبة عرفت ببرك المرجيع وحرص المسلمون على تعمير البرك وقنوات المياه خاصة قناة السبيل التي كانت تغذي منطقة الحرم الشريف وفي أواخر عهد المماليك عام 1460 تم إنشاء البركة الثالثة " التحتا " على يد الملك الظاهر خوشقدم ، وبذل العثمانيون جهودا كبيرة لأجل تعميرها وحمايتها من الخراب أو من اعتداءات البدو وقطاع الطرق ، خاصة " السلطان سليمان القانوني " الذي حملت اسمه فيما بعد ، وفي عام 1617 وعلى زمن السلطان عثمان الثاني بن احمد الأول تم بناء قلعة البرك والتي كان يقوم على حراستها دزدارا وأربعين جنديا مزودين بالعتاد الكافي لحماية البرك وقنوات المياه. وفي تلك الحقبة من الزمن بني أول مسجد في أرطاس وقد تزامن بناء هذا المسجد مع دخول الخليفة المسلم " عمر بن الخطاب " سنة 636م القدس، وسمي منذ ذلك الحين بجامع عمر تيمنا باسم هذا الخليفة وفي العهد الصليبي تم استيلاء الفرنجة على أرطاس وقد عثر وسط القرية على معالم لكنيسة صليبية تقع في الجهة المقابلة للمسجد ، وفي نهاية العهد الصليبي وذلك في عام 1187 م عندما هزم القائد صلاح الدين الأيوبي أخر ملك من ملوك الصليبيين ، استطاع العرب المسلمون السيطرة ثانية على أرطاس من أجل حماية المصادر المائية التي كانت تزود القدس وقتها بالمياه ، وتشير التقاليد المتبعة في أرطاس أنه وفي الماضي البعيد اعتاد فلاحي أرطاس على حماية مصادر المياه والقنوات مقابل إعفائهم من الضرائب وان هذه الحماية استمرت خلال عهد السلاطين العرب " 1517-1187" وفي تلك الحقبة من الزمن كان قادة أرطاس يتمتعون بنفوذ كبير ، حيث لم يكن بوسعهم السيطرة على الطريق التجارية بين القدس والخليل فحسب ، بل كانوا يقيمون العدل على سكان المناطق المجاورة والتي كانت تضم " 24 قرية " تسمى حتى اليوم بقرى العرقوب ، وكانت أرطاس تسمى وحتى عام "1750 م" برأس العرقوب ، وتشمل المباني العامة والقرية على قاعة للمحكمة ولسجن معروف حتى اليوم " بالحبس " وسط القرية شرقي الجامع وكذلك توجد بقايا لطواحين للغلال بنيت زمن السلاطين حيث تدل إحدى اللوحات الحجرية الموجودة الآن على الواجهة الشرقية للطابق الأرضي للجامع على وجود طاحونة يعود تاريخ إنشائها إلى الخامس عشر من ذي القعدة سنة 705 للهجرة حيث كانت أرطاس مركزا تجاريا هاما للمناطق المجاورة لها .