<< فـــفـــرّوا إلــــى الله >>... لنحلّق اخواني في جو هذه الآية ....
تُــرى مــاالمـــراد بالــفـــرار إلى الله ..؟؟؟!!!أخواني ...
الكل في الحقيقة في حالة فــرار ...!
أما السعداء ... ففرارهم إلى الله سبحانه وتعالى ... إلى رحابه ... طلباً لرضوانه ...
وأما الأشقياء .... ففرارهم منه لا إليه ... ينشغلون عنه بملهيات كثيرة .. تبعدهم عن ربهم جل جلاله ...
فهؤلاء يفرّون صعوداً إلى السماء .... وهؤلاء يفرّون سفولاً إلى الوحل ..!!!
الله جلّ في عُلاه يطالبنا أن نفر إليه لا منه .. << ففرّوا إلى الله >> ..
الفرار إلى الله يعني العمل بطاعته .. والنفور من معصيته ...
الفرار إلى الله .... شوق إلى الجنة ... وطلب حثيث لها ... وخوف من النار .. . وفزع منها ...
الفرار إلى الله .... فرار من الجهل إلى العلم ... ومن الشرك إلى التوحيد ..
الفرار إلى الله ... فرار من الغفلة إلى اليقظة .... ومن ظلمة المعصية إلى نور الطاعة ...
الفرار إلى الله .... فرار من الضيق إلى السعة ... ومن الكدر إلى الصفاء ...
الفرار إلى الله .... فرار من الكسل إلى التشمير ... ومن التخليط إلى الإخلاص ...
الفرار إلى الله .... فرار من الخلق إلى الخالق ... ومن الأرض إلى السماء ...
الفرار إلى الله ... فرار من ضيق الصدر ...إلى طمأنينة القلب وقرة العين ...
الفرار إلى الله ... فرار من سجن الدنيا ونكدها ....إلى نعيم الجنة وعبقها ...
الفرار إلى الله ... فرار من ذل الشهوة ومرارتها ... إلى عز الطاعة وحلاوة الإيمان ...
فعندما لانعلم نكون جهلاء ... وعندما نعلم ولا نعمل يكون جهلنا مركباً ..!!!
الجهل مصيبة ... وعدم العمل بما نعلم كااااااارثة ...!!
أينا تحب أن يصفها الناس بالجهل ؟.. لا أحد .. ومع هذا نرى أكثر الناس كذلك يدرون
أو لا يدرون ... يا حسرة على العباد ...
اعلم أخي ... أن الفرار إلى الله تعالى ... فرار من الجهل بكل أنواعه ... إلى العلم الذي
يربطك بالله جلّ جلاله .. ويشدّكِ إليه ..
ولا أعني مجرد المعلومات ...
بل أعني العلم الذي يستنير به قلبك حتى يتوهج ...
دع عنك سوف ولعل وربما وأخواتها ...
اذبح التسويف وطول الأمل ... بسيف العزم والتشمير ... والمبادرة والتصميم ...
وارحل طلباً لما عند الله تعالى ... فما عند الله خير وأبقى .. وأحلى .. وأرقى ..
واعلم أنك ابن يومك .. ولك ساعتك التي أنت فيها ..
فما مضى من يومك مات ... وما لم يأتِ لم يولد بعد ... وقد تموت أنت في هذه الليلة ..
بل ربما الساعة التي أنت فيها ... فأحسن العمل لو كنت تعقل ..
قرر أن تفر إلى الله تعالى كما يُطالبك هو بذلك ... ويلحّ عليك أن تفرّ إليه .. عاجلاً لا آجلاً ...
<< ففرّوا إلى الله >> ... أمر صريح ... فلماذا يراوغ الإنسان ؟؟؟؟!!!!!
اعرف الطريق وقد بان لك ... وشمّر للمسير وقد لاحت لك معالمه ...
وقرر السفر مادامت أنفاسك تتردّد في صدرك....
فلعل غداً تجد نفسك محمولا على الأعناق ... لتوضع في حفرة ضيقة ...
تتقلّب عليك نيراناً تلظّى تشويك ... وساعتها لن ينفعك الصياح حسرة وندامة :
ياليتني أعود إلى الدنيا ... فأعمل غير الذي كنت مشغولا به .. وفيه .. ومن أجله ..!!!
يا خيبة العمر الذي قضيته في جهل وحمق .. وأنا أضحك .. وأغني .. وأرقص ...!!!!
لقد منحك الله همّة وعزيمة غير أنك لا تستثمرها على الوجه المطلوب ..
فشدّ الآن المئزر .. وأحسن العمل ... وأحكم الأداء ... ليطوي لك الله الرحلة ...
واجعل همّك روح العمل لا ظاهره ... وتحقيق الحكمة من القيام بالأمر ...
لا مجرد الأداء الصوري غير المثمر...!!
اجعل نصب عينيك منذ اليوم << ففرّوا إلى الله >> ...
دع هذه الآية تحتل أكبر مساحة من قلبك وعقلك .. ثم انظر ماذا تصنع فيك ولك ...!!
ثق أخي ..
أن الفرار إلى الله بصدق ... يقذفك مباشرة إلى السماء ..لتحيى بمهرجاناتها الحافلة بكل بهجة ونعيم ...
وكلما صحّ منك الفرار ... تذوقت ألواناً من أسرار العبادات التي تجعل قلبك يهتز ...
وروحك تنتشي ..وعقلك يهدأ .. وعينك تقر ... ونفسك تطمئن ...
الفرار إلى الله حقاً ..
لا يجعلك تتعلق بقشور الدنيا ... ولا تتساقط على جيفها أعني شهواتها ...
بل إنك حين تصدق في الفرار إلى الله تعالى ...
تجد نفسك في يسر ... تستعلو على زخارفها وفتنها ...
وترقى فوق كل فخاخ الشيطان التي يحرص أن يسوقها بين يديك ... وعلى عينيك ليفتنك بها ...
حقيقة الفرار إلى الله .. أن تشحني نفسك بالنور حتى يصبح كالكوكب الدرّي يوقد من شجرة مباركة ...
أعني .. أن يستوقد قلبك أنواره من شجرة الوحي حتى يتوهج ...
الفرار إلى الله ... فرار من حظوظ النفس الظاهرة والخفيّة التي تقطعك عن الله جلّ جلاله ...
وتصرفك عن بابه ...
الفرار إلى الله ... فرار من صحبة سوء تحول بينك وبين مولاك وسيدك وحبيبك ...
إلى صحبة خير تعينك على مزيد من التقرّب إلى الله تعالى لتنالي رضاه ...
فرار من حظ نفسك وهواك .. إلى حظ الله تعالى ومراده حتى يرضى عنك ...
وتحصيل رضاه جلّ في عُلاه غاية المنى ... وكما قال الشاعر :
إذا رضيت فكل شيء هيّنٌ ..... وإذا حصلت فكل شيء حاصلُ
قال تعالى
<< والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وأن الله لمع المحسنين >>فمن حملت سيف المجاهدة على أهواء نفسها من أجل الله تعالى ... يفتح الله على قلبها
بعد أن تسير شوطاً في الطريق أو شوطين ...
ولا تزال تعرج إلى مقامات أعلى مادامت مشمّرة في الفرار إلى الله تعالى ...
هذا الصنف المتميز من الخلق في فرار مستمر ... وفي توبة دائمة متجدّدة لا تنقطع ...
هذا الصنف لا تسكن نفسه إلى شيء دون الله تعالى ...
ولا يفرح بما يجد من لذة العبادة ... لكنه يفرح بمهديها إليه ..وموفّقه إليها ..ومُعينه عليها ..وميسرها له ...
تناديه زخارف الدنيا وحظوظها ... إليّ ... إليّ ..
فيجيبها في ثقة واستعلاء ... إنما أُريد الذي حصل لي .. حصل لي كل شيء ...وإذا فاتني .. فاتني كل شيء ..
شعاره
<< ففرّوا إلى الله>>..إن الله ربنا جل جلاله يُحب لنا الخير .. ومن ثم يهيب بنا أن نفرّ إليه ..
ولو أننا فتشنا في أنفسنا .. لأيقن أكثرنا أنه يفر من الله سبحانه .. ولا يفر إليه ..!!!!
فهل رأينا مُحسناً غيره؟؟!!!
وهل لنا ربٌ سواه ؟؟!!
وهل رأينا نور الدنيا إلاّ بكرمه وتقديره؟؟!!!
فهل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان ؟؟؟!!
يا لها من آية لو كانت في القلوب حياة ...
<< يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله ورسوله إذا دعاكم لما يُحييكم >>..الله أكبر .. الله أكبر ... نعم .. يُحيينا والله ... الحمد لله على أن هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله ..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..