ولد الشهيد بتاريخ 13/10/1972 بمدينة نابلس، بلده الاصلي ام الفحم داخل الخط الاخضر، درس الشهيد في مدارس المدينة حتى انهى المرحلة الاعدادية، اسر في الانتفاضة الاولى عدة مرات لبضع سنوات، كان احد كوادر المقاومة المعروفين، عمل الشهيد كعامل بلاط ، كان مطلوبا لاسرائيل في انتفاضة الاقصى بتهمة الاشتراك بتحضير عبوات استخدمت بتنفيذ عمليات استشهادية داخل الخط الاخضر.
انجفار «كبينة» الهاتف العمومي في نابلس الذي أدى لاستشهاد جوابرة لم يغلق ملف حياته الممتلئة رجولة وتحديا يعرفه الاحتلال وحبا للوطن وفتحت آفاق حياة لم يعرفها سوى المقربين منه وهو الملقب«بالناني». عروض الزواج كانت تنهال عليه من العائلة وتطرح قائمة طويلة من الفتيات أمام ناظريه لعله يتزوج لكن جوابه الدائم يخرج من خلف ابتسامته المعهودة«من يحبني يشتري لي بندقية أم 16 فهي عروسي فأنا متفرغ للجهاد والمقاومة وقهر المحتلين». ويقول أشقاؤه ومعارفه ان ما كان يملكه من قروش قليلة يجود بها على رفاقه وأطفال الحي ويقوم بالاستدانة في بعض الحالات ليسد حاجات رفاقه وصغار الحي ونادرا ما كان يبقي لنفسه شيئا من المال بعد اقتسامه مناصفة. ويتحدث أصدقاؤه عن أن جوابرة كان على يقين بأنه سيلقى ربه شهيداً ولهذا كان يختلف عنا كثيرا، تجده غارقا في أفكاره، دائم الحديث عن الجنة والشهداء ويحب أن يسمع قصصهم، لقد كان يتمنى الاستشهاد وحقق الله له مراده». وفي الليلة التي سبقت صبيحة استشهاده أبى أن ينام قبل أن يطوف على من يسهر معهم وكأنه يعلم مصيره المحتوم. وأمضى الشهيد جوابرة ليلته الأخيرة حتى الثانية عشرة ليلا يضحك معهم ولسان حاله يقول «أنا أودعكم» في رده على زميله الذي انتابته خلجات غريبة دعته إلى القول كفاك يا أسامة ضحكا، الله يستر من هذه الليلة». ويقول أحد أشقائه إن هناك حادثة أثرت في نفسه كثيرا وهي إقدام جندي إسرائيلي على نزع النقاب عن وجه فتاة فلسطينية من منطقة القدس والتي بصقت بدورها في وجهه وضربها الجنود بأعقاب البنادق على رأسها مما أدى لفقدانها بصرها فورا. ويقول شقيقه سائد انه أوصى في حالة استشهاده بأن يلف بالراية الخضراء وعليها لا إله إلا الله وألا يطلق فوق رأسه الرصاص وان يتم توفيره للمحتلين والمستوطنين وان يدفن بجوار رفيق دربه الشهيد محمود جميل من نابلس. لقد كان صديقا وفيا لمحمود الذي تركه ورحل شهيدا، لم يكن يتصور أو يحلم بأنه سيأتي اليوم الذي سيفترقان فيه، ولكن الاحتلال تمكن من خطف محمود جميل من بين يدي أسامة الذي اعتكف في البيت أسابيع وهو لا يريد الحديث مع أحد أو أن يرى أيا من زملائه، يقول شقيقه. ونقل أحد أشقائه عنه انه اغتسل صبيحة يوم استشهاده وكان كثيرا ما يقرأ سورة تبارك ويقول إنها توسع على الميت في قبره. غادر المنزل والتقى أحد زملائه واشترى حبتين من البوظة وأثناء تناوله حصته تذكر ابنة زميله وقال له إن ما تبقى من حبة البوظة خاصته لا بد أن تأكلها ابنة صاحبه رغم أنه أعلمه بوجودها في إحدى مدن الضفة ضيفة لدى جدها لوالدتها وتم الاحتفاظ بما تبقى من الحبة في الثلاجة لتأكلها الصغيرة التي لم تأت حتى هذه اللحظة بسبب حصار المحتلين المفروض على الأرض الفلسطينية. ويقول عنه من عايشه عن قرب يلاحظ أن البسمة لم تكن تفارقه باستمرار وكان محبوبا لدى الأطفال الصغار الذين بدؤوا باللعب بطريقة مثيرة في حارة الياسمينة حيث استشهد ويمثلون في ألعابهم دور الشهيد أسامة يحارب جيش الاحتلال. أسامة هو الذكر الثاني في عائلة تضم خمسة ذكور وأربع إناث تعود جذورها لعشيرة جوارة الإدريسي من بلدة عصيرة الشمالية مسقط رأس القائد القسامي محمود أبو هنود. وفي وصف دقيق لشخصيته قال أحد المواطنين ممن عايشوه مؤخرا ولم يكونوا اختلطوا به في السابق انه كان يرى في نظراته الرجولة والتحدي وهو الأمر الذي عرفه وزير الحرب الإسرائيلي بنيامين بن اليعازر وقال عن أسامة انه «ذئب جريء ومراوغ». ويمضي شقيقه قائلا انه كان بارعا في رشق الحجارة وقنابل الملوتوف واعتقل لمدة شهرين لدى الاحتلال عندما كان عمره 12 عاما ثم ثمانية عشر شهرا بعمر 16 سنة وست سنوات في التاسعة عشرة من عمره فيما أمضى نحو 15 شهرا في سجن أريحا بعد قدوم السلطة مع الشهيد محمود جميل وآخرين. ويتناقل رواد ديوان الياسمينة عن الشهيد أسامة جوابرة انه هو الذي قام بتنفيذ عملية جريئة أدت إلى مقتل جلعاد زار مسؤول أمن المستوطنات بشمال الضفة الغربية قرب مفترق جيت على طريق نابلس قلقيلية مؤخرا وهو أحد دواعي اغتياله بهذه الطريقة البشعة. أما والد الشهيد فقد بدا اكثر تماسكا من لحظة سماعه نبأ استشهاده وقال هذا قدرنا كلنا وما نملك من اجل الوطن لقد تفرغ للعمل من اجل وطنه والمقاومة الحمد لله إيماننا وثقتنا بالله قوية». حارة الياسمينة التي عشقها أسامه ستتذكره كثيرا، بجدرانها، وأزقتها،وحماماتها الشامية، ومحرابها المدور على مدخلها، وساحتها التي شهد له كل الجيران بأنه تطوع للعمل في رصفها وتبليطها وزخرفتها التي شاء الله أن تغتسل ليس بالماء وانما بدماء أسامة وأشلائه التي تناثرت بعيداً في المكان لتبقى شاهدا لمئات السنين على جرائم الاحتلال ونازيته التي لم تتوقف عند أي حد.