بعد مرور39 عاماً على إحراق المسجد الأقصى: الحريق لا زال مشتعلاً بأشكال مختلفة
التاريخ : 19/8/2008 الوقت : 15:08 ح+ . ح- . الإفتراضي
--------------------------------------------------------------------------------
القدس 19-8-2008-وفا- راسم عبد الواحد
لم تنطفئ نار الحريق الذي هب في المسجد الأقصى المبارك ومنبر صلاح الدين، الذي يمثل رمز التحرير والنصر والعزة، التي أشعلها يهودي متطرف في العام 1969م؛ بل اتسعت النيران لتأخذ أشكالاً مختلفة ومتعددة، وامتدت ألسنة نيرانه لتشمل المسجد نفسه، بباحاته وساحاته ولواوينه ومساطبه ومُصلياته، وجوانبه ومحيطه، وباطنه وأسواره وجدرانه وكل ما يمت بصلة له.
ليس هذا وحسب، بل حاولت سلطات الاحتلال والجماعات اليهودية المتطرفة الانفراد به، واستهدافه بعدما تحسست ردة فعل الشارعين العربي والإسلامي والتي لم ترق إلى مستوى وحجم الحريق، وشرعت بإجراءات نشهد حلقاتها الأخيرة في تهويد المسجد وتحقيق أحلامهم الخرافية بإقامة الهيكل المزعوم مكان المسجد أو على جزء منه.
الشخصيات الدينية والوطنية والاعتبارية المقدسية، استذكرت هذه الذكرى بكثير من الحسرة والألم واللوعة والخشية من أن ينام الجميع ويصحوا وقد ضاع منهم المسجد المبارك وحل محله مخطط خبيث وخطير.
سماحة الدكتور الشيخ عكرمة صبري رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى المبارك، كان أحد الشاهدين على حريق المسجد عام 1969 وشارك كباقي المقدسيين في إخماد النيران.
وعن هذا اليوم، يقول سماحته لـ'وفا': 'كنت أحد المشاهدين للحريق المشؤوم، ومن المشاركين في إخماده، وكان ذلك صباح يوم الخميس الموافق 21-8-1969م، وأدركت مدى حب المواطنين وتعلقهم بالمسجد، حيث شارك الرجال والنساء والشيوخ والأطفال في نقل المياه والأتربة لإطفاء الحريق ريثما وصلت فرق الإطفاء من بلديات الخليل وبيت لحم وبيت ساحور وبيت جالا ورام الله والبيرة، وأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي عرقلت وصول سيارات الإطفاء إلى المسجد الأقصى، ما أدى إلى التهام الحريق لمساحات واسعة من سقف المسجد.
ولفت سماحته إلى أن المهندسين الكهربائيين أكدوا في حينه بأن الحريق وقع بفعل فاعل، بل أكثر من فاعل، وليس نتيجة تماس كهربائي كما زعمت سلطات الاحتلال، وقال: إن التقرير الهندسي أكد كذلك بأن الحريق استهدف عدة مواقع في المسجد الأقصى ما يشير إلى أن الفاعلين هم عدة أشخاص وليسو شخصاً واحداً.
وأضاف نحن في كل عام نُحيي هذه الذكرى المشؤومة حتى تدرك الأجيال الصاعدة مدى الأخطار المحدقة بهذا المسجد، وقد تشكلت في حينه لجنة للإعمار وأخرى مالية لجمع التبرعات.
وأوضح أن الجمعة التي تلت الحريق أي في الثاني والعشرين من نفس الشهر تعطلت صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى، في ما أُقيمت صلاة الجمعة التي تلتها في التاسع والعشرين من الشهر في اللواوين الخارجية والساحات حيث لم يكن بالإمكان إقامة الصلاة داخل المسجد القبلي المسقوف.
وناشد المواطنين، وكل من يستطيع منهم الوصول إلى القدس لشد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك بشكل يومي لأن الأخطار والأطماع بالمسجد تتعاظم ولم تتوقف.
ولفت سماحته إلى أن المسجد تعرض للكثير من الحرائق والتعديات ومنها: التضييق على عملية ترميم وصيانة المسجد من خلال منع إدخال مواد البناء إليه من خلال بواباته الخارجية، وتحديد سن المصلين، وبخاصة أيام الجُمع، بالإضافة إلى الحفريات المستمرة والمتواصلة أسفل المسجد وفي محيطه، فضلاً عن الاقتحامات اليومية للجماعات اليهودية المتطرفة، وهي بمجموعها تمثل أخطاراً مُحدقة بالمسجد الأقصى المبارك.
وذكّر سماحته العرب والمسلمين بالأقصى الأسير، وقال: لا بد من العمل على إنهاء الاحتلال عن القدس وفك الأسر عن المسجد الأقصى المبارك.
بدوره، حث حاتم عبد القادر مستشار رئيس الوزراء لشؤون القدس المواطنين بالالتفاف حول المسجد الأقصى المبارك، وشدّ الرحال إليه، مؤكداً أن المسجد إسلامي خالص وسيبقى كذلك، وإن المواطنين سيدافعوا عنه بأغلى ما يملكون من الأنفس والمهج والأرواح، ودعا العالمين العربي والإسلامي إلى القيام بواجبه نحو المسجد الأقصى والقدس المحتلة وتخليصهما من وزر الاحتلال الغاشم.
أما أبناء شعبنا في القدس المحتلة، وهم رأس الحربة في الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك، لا يخفون خوفهم وخشيتهم من وصول المخططات اليهودية الخبيثة والخطيرة تجاه المسجد لمراحلها المتقدمة، في ظل الإعلان السلطات المحتلة والجماعات اليهودية المتطرفة علانية عن أطماعهم في المسجد، ويحاولون فرض وقائع جديدة عليه، وليست عملية إدخال الجماعات اليهودية تحت حراسات عسكرية بشكل يومي إلى باحات المسجد من بوابة المغاربة، الذي يسيطر على مفتاحه الاحتلال منذ بداية احتلال المدينة، وإزالة تلة باب المغاربة والآثار الإسلامية التاريخية، والإعلان عن بناء جسر عسكري في باب المغاربة وكُنس يهودية في باحة باب المغاربة، إلا أمثلة توضيحية لأطماع ومخططات الاحتلال والجماعات المتطرفة وصلت إلى مراحل متقدمة، وللتأكيد على أن النار التي أشعلوها بالمسجد في العام 1969 لم تنطفئ بل أخذت السنة نيرانها تأكل كل الأطراف والجوانب.
ـــــــ