فلسطينيون يشتكون "اختفاء" المساعدات قبل وصولها
عدد القراء : 0
23/01/2009 "لا تتعجب إن قلت لك أن لباسي هذا لم أغيره منذ 23 يوما، فعلى الرغم من وصول عبايات نسائية لنا، إلا أن القائمين على المدرسة لم يعطونا أيٍاً منها". هذا ما قالته السيدة سمر علي معروف التي فقدت ابنتها مها (16 عاماً) وابنها هيثم (11 عاماً) في المجزرة الإسرائيلية داخل محيط إحدى المدارس التابعة للأونروا، والتي راح ضحيتها أكثر من 45 فلسطينياً، بينهم اثنان من أبناء السيدة الفلسطينية.
وتروي المعاملة التي تلقاها في المدرسة التي لجأت إليها، مشبهة إياها بمعاملة "قطعان من الخراف". وتقول "بالتأكيد لن يكون مدير الوكالة على دراية بما يحدث لنا داخل المدرسة، فلقد جاء في اليوم الثالث من المجزرة الإسرائيلية وقال لنا "لن تترككم وكالة الأونروا إلا بعدما تتأكد من أنكم تعيشون في أمان سواء هنا أو في بيوتكم"، لكن العاملين هنا يختلفون تماماً عن رئيسهم".
وتشرح "هربنا من الموت في بيت لاهيا.. لكن الموت لاحق أطفالي واستشهدت مها وهيثم، وأطفال آخرون ونساء وشباب في المكان نفسه". وأكدت أنها وزوجها وأطفالهما الثمانية خرجوا من المنزل بلباسهم فقط، بينما "قامت الجرافات الإسرائيلية بتدمير ومسح البيت عن الخارطة وكذا المنطقة كلها".
شهود عيان
والحال نفسه يعيشه المزارع الفلسطيني سهيل المصري، الذي لجأ إلى مدرسة الأونروا مع زوجته وأطفاله الخمسة تاركاً بيته وأرضه، فتجمع مع المئات الآخرين من نفس البلدة وسكنوا صفوف التلاميذ، واتخذوا من طاولات الدراسة أسرّة لنوم نسائهم، بينما اضطر الرجال للنوم في الممرات خارج تلك الغرف تحت ظروف البرد وحمم الصواريخ.
ويشرح المصري: "نعاني من مشكلة كبيرة من اليوم الأول من الحرب التي اندلعت ضدنا كشعب فلسطيني، وهو أن الباحث يأتينا كل ساعة ويحصي الموجودين، وأي شخص غير مدون لا يحصل على طعامه، حتى لو كان طفلا".
وأضاف "كأنهم يجبروننا أن نبقى هنا وألا نذهب لبيوتنا المدمرة ومزارعنا المجرفة، للبحث عما تبقى لنا من أشياء" واعتبر هذا الأسلوب غير مبرر من قبل العاملين داخل المدرسة، وقال "من المؤكد أن تلك الأمور السلبية لا تذكر أمام ما تقدمه وكالة الأونروا لنا من مساعدات ومأوى آمن قياساً بغيره من المباني غير الآمنة.. لكن سلوكا كهذا يصدر من العاملين الفلسطينيين، يسيء جداً وينغص حياتنا بشكل كبير".
وتبكي تهاني محمد متسائلة "أين نذهب عندما يقولون لنا عليكم المغادرة لأن الطلاب سيدخلون المدارس بداية الأسبوع القادم؟". وتضيف مشيرة إلى ثيابها "أيعقل أن أبقى بهذا اللبس لمدة 23 يوماً؟ نسمع أن المساعدات أتت من كل مكان من الدول العربية وغيرها، لكننا لم نأخذ سوى القليل القليل منها، أما الباقي فلا نعلم أين ذهب". وأضافت "أظن أن تلك المساعدات جاءت لنا فقط كأناس متضررين جدا ومشردين، لكن أحب أن أخبر العرب أننا غالباً ما نشتري الخبز من كافتيريا المدرسة التي تبيعه لنا، رغم أن ربطات الخبز تأتي من مخزن المدرسة الذي من المفترض أن يكون ما بداخله للموجودين هنا".
السير تحت الصواريخ
وقال ياسر معروف الذي استشهد اثنان من أبنائه "تفكيري في كيفية الحصول على طعامنا، طغى هذه الفترة عن تفكيري في فقدان أبنائي الاثنين". وأضاف "حتى اللحظة لم أستوعب ما حصل لأبنائي، لكن هموم الحياة اليومية جعلتني أفكر في أولادي الأحياء، كيف يمكن أن أطعمهم".
وأضاف "أقسم بالله لقد اضطررت لأن أسير مشياً بعد صلاة العشاء خلال الحرب، لكي أشتري ربطة خبز من المخبز الذي يبعد عن المدرسة أكثر من 500 متر وسط إطلاق الصواريخ فوق رؤوسنا".
وقال عدد من الشبان إنهم يشاهدون كل ليلة، العديد من صناديق الحليب وربطات الخبز، تخرج سراً من فوق جدران المدرسة. وأضافوا "هناك سرقات واضحة تماماً، وبصريح العبارة يسرقون طعامنا.. لكن لمن نشتكي؟ لا نعلم".
العيش بكرامة
وكان مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في قطاع غزة جون غينغ توقع أن يكون 35 ألف فلسطيني بلا مأوى في القطاع، جراء الدمار الواسع الذي نفذته آلة الحرب الإسرائيلية. وقال "رسالتي للجميع هي أنه يجب أن يعيش السكان بكرامة، فقد دفع الناس هنا الثمن مرة أخرى وعدد الضحايا دليل كاف على الثمن الذي دفعوه".