تواصل أمس الثلاثاء لليوم الثالث على التوالي الجدل حول الظروف التي حفت بإقدام نجم كرة القدم الفرنسي زين الدين زيدان على توجيه ضربة برأسه نحو صدر لاعب إيطالي طرحته أرضاً. واستمر الجدل على أعمدة الصحف كل الصحف تقريبا وفي المجالس الخاصة والعامة.
وفي سياق التعليق على الموضوع أشارت صحيفة «الهيرالد تريبيون» الناطقة باللغة الإنجليزية والصادرة في باريس إلى ما وصفته ب «الجوانب المظلمة» في شخصية البطل في إشارة إلى ضربة الرأس التي وجهها زيدان إلى المهاجم الإيطالي ماركو ماتيرازي في الدقائق الأخيرة من المباراة النهائية لكأس العالم لكرة القدم والتي جمعت بين المنتخبين الفرنسي والإيطالي يوم الأحد الماضي. وقد طرح زيدان اللاعب الإيطالي أرضا مما حمل حكم المباراة على إقصائه عن الملعب.
وواصل المشاركون في هذا الجدل الانقسام إلى قسمين يرى أحدهما أنه ما كان على زيدان القيام بما قام به. ومن الذين طرحوا مجددا هذا الطرح بالأمس فيليب دوفيلييه أحد أقطاب أحزاب اليمين المتطرف. فقد قال في حديث خص به إذاعة «أوروبا واحد» الفرنسية إن زيدان أساء كثيرا لكل المدربين والمربين في المدارس الرياضية المتخصصة في تكوين الشباب. وأضاف يقول متسائلا:«كيف يمكن إقناع أي شاب في مثل هذه المدارس بعدم الاعتداء في الملعب على أي شخص أيا تكن الأسباب بعد ما أقدم عليه زيدان يوم الأحد الماضي؟». ولكن كثيرا من الفرنسيين اعتبروا أمس مجددا أنه ما كان على زيدان أن يأتي ما أتاه لو لم يستهدف إلى اعتداء خطير وأنه عليه أن يشرح ذلك بسرعة وبشكل واضح خلال ندوة صحافية.
وذهب البعض الآخر إلى التشديد على فرضية مفادها أن اللاعب الإيطالي تفوه في الملعب أكثر من مرة بعبارات نابية تجاه والدة زيدان التي أجريت عليها مؤخرا عملية جراحية مما أفقد نجم كرة القدم أعصابه لاسيما وأنه معروف عنه تفانيه في احترام أمه وأبيه وعدم القبول بأي شيء من شأنه الإساءة إليهما. ورأى البعض الآخر أن اللاعب الإيطالي قد يكون أمطر «زيزو» طوال المشوار الذي استغرقه وقت المباراة بوابل من الشتائم طالت شخص زيدان وأصله ووالديه وأبناءه وزوجته وأنه ربما كلف بهذه المهمة منذ فترة طويلة حتى يثبط عزيمة زيدان ويحول دونه ودون قيادة منتخبه إلى الفوز بكأس العالم وتسنى له ذلك في نهاية المطاف.
نفحة أوكسيجين
ومهما يكن الأمر فإن يوم أمس الأول حمل بعض الأوكسيجين إلى زيدان. وأسهم الرئيس الفرنسي جاك شيراك في ذلك حيث قال في كلمته التي توجه بها إلى أفراد المنتخب وهو يستقبلهم في قصر الإليزيه ويخاطب زيدان: «أنت موهوب وعبقري كرة القدم العالمية. وأنت أيضا ذو صدر رحب ورجل ملتزم وصاحب مبادئ. ولذلك تحبك فرنسا وتعجب بك». وأسهم الشارع في العملية حيث استقبل زيدان استقبالا حارا أمام فندق «الكريون» الفاخر الواقع قبالة ساحة «الكونكورد» حيث أقيم حفل للمنتخب الفرنسي بعد مأدبة الغداء التي أقامها الرئيس الفرنسي على شرفه. وحسب استطلاع للرأي نشر أمس الأول أكد واحد وستون بالمائة من الفرنسيين أنهم يسامحون زيدان على تصرفه إزاء اللاعب الإيطالي.
بقي القول إن الصحافيين ذهبوا في تعاملهم مع الملف إلى حد إقحام الممثلين المشاركين في عروض المهرجان المسرحي العالمي السنوي الذي يقام في الصيف في مدينة «أفينيون» في التعليق على سلوك زيدان فشبهه البعض بأحد أبطال التراجيديا الإغريقية. واقترح البعض الآخر دعوة زيدان إلى تقمص شخصية الرياضي العالمي البطل الذي يسعى بضربات رأسية تشبه تلك التي وجهها إلى اللاعب الإيطالي يوم الأحد الماضي نشر العدل في عالم الرياضة الذي طغت عليه اليوم المادة وأصبح لا علاقة له بالروح الرياضية